معركة ادهار
ابران
تحل هذه الأيام ذكرى غالية على قبيلة تمسمان و
الريف بصفة عامة ، وهي الذكرى الثانية و
التسعون لمعركة ادهار ابران الخالدة ، التي تجسد مرحلة مشرقة من تاريخ المنطقة .
فرغم أهمية هذه المعركة الإستراتيجية فإنها هُمشت و نسيها التاريخ و أبناء تمسمان و الريف .
فمعركة أبران عرفت أول هزيمة للقوات الإسبانية في المنطقة ، و شكلت عامل مهم لرفع
معنويات المجاهدين ففيها رُفع شعار إما أن نكون أو لا نكون ، فلو انهزم المجاهدون
لتشتت شملهم وتفرقوا و لاما انتصروا في إغريبن و أنوال و أنوال و مناطق أخرى من
الريف . سنحاول من خلال هذا المقال المساهمة و لو بشكل بسيط في إزالة اللثام و نفض
الغبار و التهميش عن هذه الملحمة الخالدة من خلال تقديم بعض حيثيات ووقائعها .
فقد استغل بعض الخونة و المتعاونين مع الإسبان
من أبناء تمسمان فرصة غياب المجاهدين بتواجدهم
في مركز القيادة بجبل القامة ليطلبوا من القوات الإسبانية المتواجدة بأنوال
التقدم و احتلال موقع ادهار ابران الإستراتيجي الذي سيمكنها من مراقبة المنطقة و
المناطق الأخرى و التحركات الآدمية فيها .
فاستجابت
القوات الإسبانية لهذا الطلب في يوم الأربعاء الفاتح من يونيو سنة 1921 م الموافق
ل 26 رمضان ، فخرجت من أنوال قبل بزوغ الفجر بقوات وصل عددها 5000 جندي حاملين
معهم المؤن و المعدات العسكرية في قافلة طويلة من البغال لتجنب أي هجوم مباغت من
المقاومين على طول الطريق إلى أبران . وفي الصباح الباكر كانت القوات الإسبانية قد
صعدت قمت جبل أبران و بدأت في وضع التحصينات اللازمة : بنصب سياج من الأسلاك
الشائكة من ورائها متاريس بنيت بأكياس مملوءة بالرمال ، تتخللها فجوات تخرج منها
جعاب البنادق و الرشاشات لاقتناص الناس .
وبعد ساعتين (
12 زوالا ) بدأت القوات الإسبانية سحب عدد من جنودها من الجبل وسط خوف شديد من أي
هجوم يستهدفهم أثناء إنسحابهم . وبقي في الموقع 500 جندي معظمهم من المرتزقة
المتعاملين مع الإسبان أو ما سمي بالشرطة الأهلية . لكن قبل أن يصل 4500 جندي
المنسحبين من الموقع إلى أنوال سمعوا طلقات نارية مدوية في سماء تمسمان الصافية في
هذا اليوم الصيفي الرمضاني ، وعندما أداروا ووجههم لمصدر الصوت شاهدوا أصعدة دخان
ترتفع من الموقع الذي غادروه للتو بعدما أطبق عليه المجاهدون الأشاوس ، فأسرعوا
الخطى خوفا من أي هجوم مباغت يستهدف قافلتهم . فرغم التحصين المحكم للموقع ووجود
قناصة ينقضون على كل حركة آدمي أمامهم استطاع المجاهدون أن يدمروه بعد حصاره من كل
الجهات و قتل كل من كان فيه من الجنود و اغتنام أسلحة و معدات مختلفة سيستخدمونها
في معاركهم اللاحقة .
وقد أصيب
الجنيرال سيلفيستري بالذهول عندما وصله خبر سقوط موقع أبران و إبادة الجيش
الإسبلني به ، ففي الصباح كان متواجدا بأنوال و ارسل برقية إلى القيادة بمليلية
يخبرهم بأن جنوده سيطروا على الموقع بدون أية طلقة رصاص . في نفس الليلة شن
المجاهدون المنتشون بالإنتصار هجوم خاطف على موقع سيدي إدريس الذي كادوا يوقعون به
لولا استماتة بعض الجنود فيه ، وعاودوا
الكرة في اليوم الموالي ثم الموالي لكن الحظ لم يساعفهم في الإطاحة به .
شارك في
هذه الملحمة البطولية إلى جانب أبناء تمسمان مجاهدون من قبيلة بني ورياغل التي
استشهد فيها رجلين منهم و اثنين من تمسمان أحدهم اسمه عمر أفقير الحبقوشي الذي
أجهز عليه العدو و هو صامد مباشرة عند الأسلاك الشائكة ، وظل على قيد الحياة برهة
من الزمان بعد انتهاء المعركة و ختمها بنطق الشهادتين بصوت جهوري أثر في المجاهدين
الذين أحاطوا به يغبطونه و يهنئونه بالإستشهاد و التضحية .
إن ملحمة ادهار ابران خالدة في اذهان و أرواح
ووجدان أبناء تمسمان و الربف عامة ، فهي مصدر فخر و عز و لن تنمحي رغم إغفال
البرامج التعليمية للإشارة إليها و تناسيها من البعض . لذا فالنداء موجه لكل أبناء
تمسمان للإهتمام بتاريخ منطقتهم المجيد الذي قل نظيره لد الدول الأخرى . ورسالتي
الثانية لجمعيات المجتمع المدني و المجالس الجماعية في القبيلة للتدخل من أجل
صيانة ذاكرة القبيلة بالتعريف بتاريخها و ثيانة معالمها التاريخية المعروفة و
المهددة بالإندثار و البحث عن المعالم المجهولة إلى يومنا هذا .
0 التعليقات :
إرسال تعليق
علق هنا